تهدد إيران دائما بإغلاق مضيق هرمز رغم أن المتضررين من خطوة كهذه هم حلفاؤها. لكن من هو أكثر المتضررين؟
المضيق هو شريان النفط العالمي. يعبره يوميا خُمس الاستهلاك العالمي من النفط الخام.
مع اندلاع المواجهات بين إيران وإسرائيل، قفزت أسعار النفط 7%.. لكنها عادت للانخفاض سريعا، لأن المضيق بقي آمنا.
حتى لو نفذت إيران تهديدها، فإنها ستدفع ثمنا غاليا، لأنها ستُعطّل مصدر دخلها الرئيسي، وتضرّ بمصالح حليفتها الكبرى، الصين، يقول ديفيد دي روش، الأستاذ المساعد في مركز دراسات الأمن في منطقة الشرق الأدنى وجنوب آسيا.
ويوضح للحرة: “مصدر إيران الرئيسي للأموال هو مبيعات النفط إلى الصين. كما أن الصين لديها واردات ومبيعات كبيرة من الطاقة على الجانب الآخر من الخليج. الصين هي الراعي الأول لإيران في الوقت الحالي، وإغلاق مضيق هرمز سيضر بمصالح الصين أكثر من أي دولة أخرى”.
المضيق، الذي يقع بين عُمان وإيران، يشهد مرور ما بين 18 و19 مليون برميل يوميًا من النفط والمكثفات والوقود. وهو ما يجعله أحد أكثر النقاط حساسية في العالم.
الخبراء، لطالما حذروا من أن أي إغلاق لهذا المضيق قد يعطل حركة الملاحة ويضرب التجارة الدولية في العمق.
“مضيق هرمز مضيق دولي.. في الماضي، أكدت إيران أن مياهها الإقليمية تشمل المضيق الدولي، لكن هذا غير صحيح لعدة أسباب. أولاً، أعتقد أن هذا غير صحيح جغرافياً. وثانيا، هناك قانون بحري ينص على حق المرور عبر المناطق الساحلية هناك”، يضيف دي روش.
يربط المضيق الخليج شمالاً بخليج عُمان وبحر العرب جنوباً. ويبلغ اتساعه 33 كيلومتراً عند أضيق نقطة، بينما لا يتجاوز عرض ممرات الدخول والخروج ثلاثة كيلومترات في الاتجاهين.
ولا تقتصر أهمية المضيق على إيران فقط، بل تعتمد عليه دول كبرى في منظمة أوبك مثل السعودية والإمارات والكويت والعراق، لتصدير معظم نفطها الخام، خاصة إلى السوق الآسيوية.
إذا أغلق مضيق هرمز، فإن دولا “مثل الكويت وقطر والبحرين والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، ستتضرر بشدة إلى حد كبير، لأن معظم طاقتها تذهب عبر الخليج. لذلك ستتضرر اقتصاديا”، يؤكد دي روش.
لتفادي هذا السيناريو، تعمل السعودية والإمارات منذ سنوات على إيجاد بدائل استراتيجية لتصدير النفط بعيداً عن المضيق.
وتقدّر إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن نحو 2.6 مليون برميل يوميًا من قدرة خطوط الأنابيب غير المستغلة في البلدين يمكن أن تكون بديلاً محتملاً.
أما قطر، أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، فتنقل تقريباً كل صادراتها من الغاز عبر هذا المضيق، ما يمثل نحو ربع استخدام الغاز الطبيعي المسال على مستوى العالم.
ويتولى الأسطول الأميركي الخامس المتمركز في البحرين مهمة حماية الملاحة التجارية في المنطقة.
ويعتقد دي روش أن تنفيذ إيران تهديداتها بإغلاق المعبر قد يدفع بدول الخليج إلى الرد، وهو ما يغير الوضع في المنطقة تماما. يقول: “سيكون لديهم الآن دافع للقيام بدور أكثر نشاطاً في المواجهة مع إيران. في الوقت الحالي، لا تسمح هذه الدول بالطيران فوق أراضيها… لذا، تحلق الطائرات الإسرائيلية فوق سوريا والعراق لضرب إيران. ولكن إذا وجدت هذه الدول أن إيران تضر بمصالحها أو أمنها الاقتصادي أو غير ذلك، فقد تغير موقفها”.
مضيق هرمز.. تاريخ من التوتر
مضيق هرمز كان بؤرة توتر مرارا. في عام 1973، فرض المنتجون العرب بقيادة السعودية حظرا نفطيا على الدول الغربية الداعمة لإسرائيل في حربها مع مصر.
يومها، كانت الدول الغربية هي المشتري الرئيسي للنفط الخام الذي تنتجه الدول العربية. حاليا، أصبحت آسيا هي المشتري الرئيسي لنفط أوبك.
الولايات المتحدة زادت إنتاجها من السوائل النفطية أكثر من ضعفين في العقدين الماضيين، وتحولت من أكبر مستورد للنفط في العالم إلى واحدة من أكبر المصدرين.
وفي أثناء الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988)، سعى كل جانب إلى تعطيل صادرات الجانب الآخر فيما أطلق عليه “حرب الناقلات”.
في يوليو 1988، أسقطت سفينة حربية أميركية طائرة ركاب إيرانية، مما أدى إلى مقتل 290 شخصا كانوا على متنها. وقالت واشنطن إنه كان حادثا عرضيا وقالت طهران إنه هجوم متعمد.
في يناير 2012، هددت إيران بإغلاق المضيق ردا على العقوبات الأميركية والأوروبية. وفي مايو أيار 2019، تعرضت أربع سفن، من بينها ناقلتا نفط سعوديتان، لهجوم قبالة سواحل الإمارات خارج مضيق هرمز.



