إرث نتانياهو.. بين هجوم 7 أكتوبر و”حرب الاثني عشر يوما”

الحرة's avatar الحرة2025-06-24

لم يكن في حسبان أكثر المتفائلين في معسكر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، أن تتحّول الحرب مع إيران إلى طوق نجاة لرجل كاد هجوم حماس في السابع من أكتوبر أن يطيح بإرثه السياسي برمته.

أتاحت “حربُ الأيام الاثني عشر” مع إيران، على ما يبدو، الفرصة لإعادة رسم صورة نتانياهو: قائد يقود سلاح الجو لا لملاحقة فصائل على حدود غزة فحسب، بل لضرب قلب إيران النووي، وإقناع الولايات المتحدة بالمشاركة في الحرب ودك مواقع إيران النووية بقنابل خارقة للتحصينات، لا يملكها غير الجيش الأميركي.

ويرجح حلفاء نتانياهو، ومحللون، أن يعيد الهجوم الإسرائيلي القوي على إيران صياغة إرثه بعد أشهر من الاضطرابات السياسية والحرب وتراجع شعبيته.

وخلال الهجوم الجوي الذي أمر به نتنياهو واستمر 12 يوما، قصفت إسرائيل مواقع نووية في عمق إيران وقضت على عدد من كبار القادة العسكريين والعلماء داخل حدود عدوها اللدود، واستهدفت أيضا العديد من منشآت تصنيع صواريخ في أنحاء البلاد.

واتفقت إيران وإسرائيل على وقف إطلاق النار الثلاثاء، وعلى الرغم من تبادل الاتهامات بينهما بانتهاك الاتفاق في الساعات التي تلت الإعلان عنه، فقد سارع نتانياهو إلى إعلان النصر الكامل.

وقال “حققت دولة إسرائيل إنجازات تاريخية عظيمة ووضعت نفسها جنبا إلى جنب مع القوى العظمى في العالم”.

وكانت هذه النبرة المبتهجة بعيدة كل البعد عن نبرة السابع من أكتوبر 2023 عندما تسبب هجوم مفاجئ لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) من قطاع غزة في أكبر فشل أمني لإسرائيل في تاريخها، مما وجه ضربة قاصمة لسمعة نتانياهو التي صاغها بعناية بصفته حارسا لإسرائيل وأدت إلى انهيار الدعم الشعبي له.

قالت جايل تالشير أستاذة العلوم السياسية في الجامعة العبرية، في حديث مع رويترز، إن أحدث خطاب لنتانياهو “محا تماما ما حدث في السابع من أكتوبر. إنه يتحدث فقط عن إيران”.

ومع ذلك، لا تزال الحرب على حماس في غزة مستمرة، وهي تذكير دائم بأخطاء 2023، ومن المرجح أن تتزايد الضغوط بسرعة على نتنياهو للتوصل إلى اتفاق ينهي القتال ويضمن إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين.

وقالت عيناف زانجاوكر التي يُعتقد أن ابنها ماتان بين 20 رهينة في غزة لا يزالون على قيد الحياة “الاتفاق الشامل لإعادة جميع الرهائن هو نداء اللحظة”.

وكتبت على منصة إكس “تُكتب سجلات التاريخ الآن، ولا يزال هناك فصل واحد مفقود، فصل السابع من أكتوبر. الأمر متروك لك يا نتانياهو”.

إعادة رسم ملامح الشرق الأوسط

رغم حالة عدم اليقين إزاء مستقبل الوضع في غزة، فإن الفوائد السياسية للمهمة في إيران بدأت تُلمس بالفعل.

وأظهر استطلاع للرأي نشر قبل أيام أن 83 بالمئة من الإسرائيليين اليهود يؤيدون الهجوم على إيران. وتوقع‭ ‬خبراء استطلاعات الرأي أن يحظى الآن حزب ليكود بزعامة نتنياهو بمزيد من التأييد. وكان من المتوقع منذ فترة طويلة خسارة الحزب للسلطة في أي انتخابات.

وقال ميتشل باراك، خبير استطلاعات الرأي الإسرائيلي الذي عمل مع نتنياهو في التسعينيات، “أعتقد أن هناك تراجعا في التحرك لمعاقبته على هجوم السابع من أكتوبر… (صار) بالتأكيد في وضع قوي”.

كان الهجوم الإسرائيلي على إيران تحولا جذريا في وضع إسرائيل بالمنطقة الذي تطور بسرعة مذهلة على مدار العشرين شهرا الماضية.

وخلال تلك الفترة أضعفت القوات الإسرائيلية بشدة عدوها حزب الله في لبنان وألحقت خسائر فادحة بحماس في غزة ودمرت دفاعات جوية في سوريا، والآن وجهت ضربات مباشرة إلى إيران في خطوة كانت تعتبر في السابق محفوفة بالمخاطر.

ونجح نتانياهو أيضا في إقناع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالانضمام إلى الهجوم وقصف مواقع نووية إيرانية بقنابل خارقة للتحصينات لا يملكها سوى سلاح الجو الأميركي، وهو إنجاز كبير للزعيم الإسرائيلي الذي قضى سنوات لإقناع واشنطن بشن هجوم على إيران دون جدوى.

أعطى ترامب الصراع أهمية إضافية الثلاثاء بتسميته “حرب الاثني عشر يوما”، معيدا إلى الأذهان حرب الأيام الستة عام 1967 عندما شنت إسرائيل ضربة استباقية على دول عربية مجاورة واستولت على شبه جزيرة سيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية وهضبة الجولان.

ويسعى بعض حلفاء نتنياهو إلى الترويج لرواية جديدة لإعادة صياغة هجوم السابع من أكتوبر ليس على أنه فشل بل كان دعوة ضرورية لليقظة دفعت الأمة أخيرا إلى مواجهة خصومها في المنطقة بشكل مباشر، بدلا من العمل على احتوائهم.

وقال أرييه درعي عضو الائتلاف اليميني الحاكم للقناة 14 التلفزيونية “أنقذ السابع من أكتوبر الشعب الإسرائيلي”.

تصفية حسابات سياسية

سيواجه نتنياهو في الوقت الحالي ضغوطا للتفاوض على إنهاء الصراع في قطاع غزة، والذي أودى وفقا للسلطات الصحية الفلسطينية بحياة 56 ألف فلسطيني منذ اندلاعه، معظمهم من المدنيين.

ويتهمه معارضوه بإطالة أمد الحرب لتجنب المساءلة السياسية حول من يتحمل مسؤولية الصراع. ويقولون إن التسويف لم يعد مقبولا.

وكتب زعيم المعارضة يائير لابيد على موقع أكس الثلاثاء قائلا “الآن غزة. حان الوقت لإنهاء هذا الأمر أيضا. لإعادة الأسرى، ولإنهاء الحرب. على إسرائيل أن تبدأ إعادة البناء”.

وأصبحت إسرائيل معزولة بشكل متزايد بسبب أفعالها في غزة حيث منعت دخول المساعدات لأسابيع متجاهلة تحذيرات من المجاعة وحولت جزءا كبيرا من القطاع إلى أنقاض.

ودعا ترامب في الأسابيع القليلة الماضية إسرائيل إلى وقف القتال بعد أن وعد خلال حملته الانتخابية العام الماضي بإحلال السلام في المنطقة.

ومع ذلك لم تبد حكومة نتنياهو اليوم أي استعداد للتسوية أو التفاوض.

وكتب وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الشريك اليميني المتطرف في الائتلاف الحكومي، على موقع أكس “الآن، بكل قوتنا، نتوجه إلى غزة، لإكمال العمل، لتدمير حماس وإعادة رهائننا”.

ويدفع سموتريتش وغيره من المتشددين في الحكومة باتجاه احتلال عسكري طويل الأمد لغزة، بما في ذلك إعادة بناء المستوطنات اليهودية، وهو أمر سيعارضه الفلسطينيون والدول الغربية بشدة.

ووصفت تالشير أستاذة العلوم السياسية المحادثات المقبلة بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بأنها منافسة بين سموتريتش ودونالد ترامب “على من يملك نفوذا أكبر على نتانياهو”.

ويقول محللون إن نتانياهو قد يحاول الاستفادة من العملية الإيرانية بالدعوة إلى انتخابات قبل عام من موعدها، لكن خبير الاستطلاعات باراك قال إن توسيع الأغلبية البرلمانية الضئيلة لائتلافه هو الأنسب.

وقال “عندما تذهب إلى الانتخابات، يبدو الأمر رائعا، (لكنها) مقامرة في واقع الأمر”.


اكتشاف المزيد من الحرة

اشترك لتصلك أحدث التقارير من الحرة

* حقل الزامي

اترك رد

https://i0.wp.com/alhurra.com/wp-content/uploads/2025/08/footer_logo-1.png?fit=203%2C53&ssl=1

تابعنا

© MBN 2025

اكتشاف المزيد من الحرة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading