لماذا لم يسقط النظام الإيراني في يونيو الماضي؟

الحرة's avatar الحرة2025-07-17

على هامش حرب الـ 12 يوما بين إيران وإسرائيل، موجة تفاؤل غمرت أوساط المعارضة الإيرانية في الداخل والخارج.

تصفية قيادات بارزة في الحرس الثوري الإيراني (IRGC) وتلقي البنية التحتية العسكرية للنظام ضربات قوية، رسخا الشعور بأن الجمهورية الإسلامية  على وشك الانهيار.

لكن سرعان ما تراجعت الآمال.

“فقدت الأمل،” يقول معارض إيراني. ومثل كثير من الإيرانيين بات يفكر بالهجرة.

اشترط المعارض – الذي تحدث إلى “الحرة” من داخل إيران – عدم الكشف عن هويته، وأن نعرفه بالاسم المستعار “جاي” لتجنب الملاحقة.

تصعيد القمع

حتى الآن، لم ينج النظام الإيراني فحسب، بل صعّد كذلك وتيرة قمعه للمعارضين.

ما إن وضعت حرب يونيو الماضي – مع إسرائيل – أوزارها، اعتقلت السلطات الإيرانية أكثر من ألف شخص في مداهمات شملت مناطق عدة في عموم البلاد، وفقا لمنظمات حقوقية.

وتؤكد معلومات حصلت عليها “الحرة”، وجود ما لا يقل عن 300 كردي بين المعتقلين، وأعداد كبيرة من اللاجئين الأفغان، جرى ترحيل كثيرين منهم في شاحنات عبر الحدود البرية.

قالت منظمة حقوق الإنسان الكردية “هانا” في تصريحات لـ”الحرة” إن أبرز التهم الموجهة للمعتقلين “مساعدة العدو” و”التجسس لصالح إسرائيل”.

الانتفاضة المنتظرة

في ذروة المواجهة بين إيران وإسرائيل في يونيو الماضي، أعلن ولي العهد السابق، رضا بهلوي أن “نهاية الجمهورية الإسلامية باتت قريبة”.

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن جماعات كردية مسلحة بدأت التعبئة استعدادا لانهيار النظام.

ونقلت الصحفية الإسرائيلية لورا سيلييه من قناة i24 عن مسؤول في حزب كردي داخل إيران أن مقاتليهم “جاهزون داخل كردستان إيران وينتظرون التنسيق مع الجيش الإسرائيلي.

وأطلق حزب حرية كردستان دعوات لشن هجمات على “أهداف تابعة للنظام الإيراني” انتقاما لـ”شهداء كردستان”.

حتى صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية دعت في افتتاحياتها إلى تشجيع الخطط طويلة الأمد لفدرلة إيران أو تقسيمها… وتقديم ضمانات أمنية للسنة، والأكراد، والبلوش، الذين يرغبون بالانفصال”.

لكن الانتفاضة لم تحدث.

لم يتحرك المقاتلون الأكراد. وفشلت مساعي التنسيق بين جماعات المعارضة في الخارج. ولم تسفر “اتصالات سرية”، قال بهلوي إنه أجراها، عن نتائج تُذكر.

يقول كافيه إحساني، أستاذ الدراسات الدولية في جامعة ديبول، إلى أن بعض أطياف المعارضة في الخارج رحبت علنا بالضربات الإسرائيلية، ما يعني أن “هؤلاء يعتقدون أن التدخل العسكري الخارجي هو السبيل الوحيد لتغيير النظام”.

ماذا يفكر الإيرانيون على الأرض؟

في مقابلات مع قناة “الحرة”، وصف معارضون من داخل إيران مناخا هو مزيج من الخوف وخيبة الأمل.

“شعور بالإحباط لدى من ظنوا أن هذه (الحرب) ستكون نهاية الجمهورية الإسلامية. كثيرون التزموا الصمت. الخسائر المدنية باتت أكثر وضوحا من خلال مقاطع الفيديو المسربة،” يقول المعارض جاي، في إشارة إلى مقطع فيديو متداول يظهر ضربة إسرائيلية طالت سيارات في طهران خلال ساعة الذروة.

ويعتقد المعارض الكردي الذي فضل أن نقدمه باسم الأول “علي” أن الإيرانيين عاطفيون للغاية.

“كثيرون تمنوا علنا أن تقصف إسرائيل أهداف النظام. لكن بمجرد أن بدأت الضربات، أدركوا أن لذلك ثمنا، ولم يكن كثيرون مستعدين لدفعه”، يقول.

وتشير نيكي أخوان، الأستاذة في الجامعة الكاثوليكية في الولايات المتحدة إلى أن الإيرانيين، بعد حرب الـ12 يوما، “أصبحوا أكثر حساسية تجاه أي صوت معارض مرتبط بدولة أجنبية أو أجندة خارجية”.

ويعزو علي – وجاي كذلك  – عدم تحرك إيرانيي الداخل إلى أن حملة القمع التي أعقبت الحرب بلغت مستويات جنونية.

نصب المسؤولون المحليون وأعضاء ميليشيا الباسيج حواجز على الطرق، وحثوا السكان على الإبلاغ عن المشتبه فيهم من الجيران، خصوصا من الأقليات العرقية واللاجئين الأفغان.

“نعيش في أجواء من الشك والبارانويا”، يقول علي.

الداخل أم الخارج؟

تعتقد الحقوقية الإيرانية، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، شيرين عبادي، أن التغيير الحقيقي يجب أن يأتي من الداخل الإيراني وبأيدي الشعب نفسه”.

وتضيف في حديث إلى “الحرة” أن التغيير الذي “يجب أن يأتي بجهود أبناء إيران، قد يستغرق وقتا، لكنه سينجح”.

لكن جاي لا يعتقد ذلك.

“لسنا في وضع يمكننا من إسقاط النظام عبر الاحتجاجات” نظرا لشدة الإجراءات القمعية.

ومعارضة الخارج، يضيف جاي، لم ترتق إلى مستوى التحدي.

شخصيات مثل ولي العهد السابق بهلوي تعيش على الأوهام، بحسب تعبيره.

“ليس لديها خطة واضحة، ولا استراتيجية، مجرد دعوات لإسقاط النظام. المعارضة الإيرانية في الخارج – لا أجد كلمة أفضل لوصفها ـ  سوى القول إنها ‘وهمية’. لا تدرك معاناة المواطنين الذين يواجهون النظام يوميا”.

مع ذلك، لا يستبعد علي إمكانية إسقاط النظام إذا توفر تنظيم حقيقي للمعارضة في الداخل.

وتبقى شيرين عبادي الأكثر تفاؤلا رغم حالة الإحباط.

“الشعب سينتصر. أثبت التاريخ أنه لا يمكن لأي نظام البقاء إذا كانت غالبية المجتمع ضده”.

ويقلل الدبلوماسي الأميركي السابق، آلان إير، من أهمية الجهود التي تبذلها المعارضة الإيرانية في الخارج.

في حديث مع “الحرة”، قال إير “رغم وجود معارضين إيرانيين، لا توجد معارضة قوية وحقيقية”.

وتشاركه الرأي نيكي أخوان في أن “أحد أبرز المشكلات يعود إلى غياب معارضة منظمة ومستقلة بالفعل”.

ويمثل انعدام الوحدة بين صفوف المعارضة الإيرانية تحديا كبيرا، بحسب أستاذ العلوم السياسية في جامعة ميزوري الأميركية، مهرزاد بروجردي.

“المعارضة الإيرانية شديدة الاستقطاب، إذ تضم فصائل قوية من الملكيين واليساريين والليبراليين والإسلاميين”، يقول لـ”الحرة”.

ورغم اتفاقهم على معارضة الجمهورية الإسلامية، يختلفون حول قضايا جوهرية.

يختلفون بشأن “من يقود الحركة، الاستراتيجيات الأنسب لمواجهة النظام، الموقف من طلب الدعم الخارجي، وطبيعة النظام السياسي البديل”.

وجاءت حرب الـ12 يوما مع إسرائيل لتعمق الانقسامات والخلافات الأيديولوجية القائمة.

“بعض الأطراف دعمت الهجمات الأميركية والإسرائيلية، فيما دانتها أطراف أخرى بشدة. وبعد الحرب، تحولت وسائل التواصل الاجتماعي إلى ساحة تبادل اتهامات حادة”.

ويُرجع دامون جهاني، وهو باحث في جامعة لا تروب الأسترالية، متخصص في سياسات (المعارضة) في الشتات الإيراني، تلك الانقسامات إلى “الذاكرة التاريخية”.

“فاليساريون يرون أن عودة رضا بهلوي ستعني استبدادا جديدا. والفيدراليون الأكراد يستحضرون انتفاضة 1967 التي سحقها نظام بهلوي حين طالبوا بالحكم الذاتي. في المقابل، يحذّر الملكيون من أن غياب دور قوي لبهلوي بعد الثورة سيعرض إيران لخطر التفكك”.

ورغم انقسام المعارضة وضعفها في الخارج، يرى توم واريك، الباحث في المجلس الأطلسي في واشنطن، أن النظام الإيراني يعتبر شعبه “التهديد الأكبر”.

لكن من المؤكد، يضيف، أن الشعب الإيراني يريد مستقبلا مختلفا تماما عن ذلك الذي يفرضه النظام الحاكم بالقوة.


اكتشاف المزيد من الحرة

اشترك لتصلك أحدث التقارير من الحرة

* حقل الزامي

اترك رد

https://i0.wp.com/alhurra.com/wp-content/uploads/2025/08/footer_logo-1.png?fit=203%2C53&ssl=1

تابعنا

© MBN 2025

اكتشاف المزيد من الحرة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading