السيسي يحسم جدل الانتخابات المصرية

قبل ساعات فقط من إعلان نتائج المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب، وبينما كانت التوقعات تسير في اتجاه معروف سلفا، ظهر بيان قصير وغير متوقع على الصفحة الرسمية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على منصة X.

السيسي طلب، في بيانه، من الهيئة الوطنية للانتخابات إعادة مراجعة مسار العملية الانتخابية في عدد من الدوائر الفردية، وفتح الباب، لأول مرة منذ سنوات، أمام احتمال إلغاء المرحلة الأولى بالكامل أو إلغاء دوائر محددة “إذا تعذّر الوصول لإرادة الناخبين الحقيقية”.

كان توقيت البيان ملفتا إذ جاء بعد أقل من 24 ساعة قبل إعلان النتائج، وبعد أسبوع تصاعدت فيه الشكاوى والاتهامات من مرشحين وأحزاب ومراقبين عن حصول انتهاكات.

وتضمن البيان اعترافا غير مألوف بأن العملية الانتخابية لم تجرِ بسلاسة، إذ قال السياسي بأن “الأحداث التي وقعت في بعض الدوائر” وصلت إلى الرئاسة وتحتاج إلى فحص دقيق. وشدّد على أن الهيئة الوطنية للانتخابات هي الجهة الوحيدة المخوّلة بالتحقيق واتخاذ القرار، وأكد استقلاليتها، وأن الرئاسة “لا تتدخل” لكنها تطالب بـ”فحص أعمق”.

ولفت إلى ضرورة “عدم التردد” في اتخاذ القرار الصحيح، بما في ذلك إلغاء المرحلة كلها أو دوائر محددة، وهذه خطوة نادرة في المشهد الانتخابي المصري.

توترات وتجاوزات في يوم الانتخاب

وشهدت الانتخابات المصرية سلسلة من الوقائع التي أثارت الجدل خلال يومي التصويت. فقد انسحبت النائبة السابقة نشوى الديب بعد ساعة واحدة فقط من بدء الاقتراع، قائلة إن “غياب تكافؤ الفرص” جعل استكمال العملية مستحيلا بالنسبة لها. وفي الإسكندرية، استغاث مرشح “المنتزه” بعد أن اكتشف فتح صناديق الاقتراع قبل انتهاء اليوم، في واقعة أثارت تساؤلات واسعة حول سلامة الإجراءات.

وتدفقت شكاوى متعددة في أكثر من دائرة عن شراء أصوات بمبالغ تتراوح بين 200 و500 جنيه، بينما رُصدت دعاية انتخابية داخل اللجان أو على مقربة مباشرة منها لصالح مرشحين محددين، في مخالفة واضحة لضوابط الدعاية. وقال حزب “المصري الديمقراطي الاجتماعي” إن مندوبين تابعين لبعض المرشحين مُنعوا من دخول عدد من اللجان، ما زاد من توتر المشهد وأثار شكوكا إضافية في مصداقية الجولة الأولى.

ردود الفعل

ورحب مراقبون ببيان السيسي واعتبره بعضهم تصحيحا ضروريا لأخطاء حصلت في الانتخابات.

وقال الصحفي محمد سعد عبد الحفيظ فكتب أن الرئيس “أقر بأن المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب شابها العديد من المخالفات والتجاوزات”، مضيفا في حديث لـ”الحرة” بأن إرادة الناخبين لا يمكن أن تتحقق “في ظل وجود نظام انتخابي يهدر أكثر من نصف الناخبين، في ظل تعطيل السياسة وحصار الأحزاب ووضع قيود على منصات الإعلام”.

ورأى عبد الحفيظ أن مصر بحاجة إلى تعديل قوانين الانتخابات وإعادة هندسة المجال العام، في ما يتعلق بالسياسة والإعلام والقوانين” لأن “الدولة لن تتمكن من الحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية دون أن تجبر كل الشروخ”.

وبينما احتدم النقاش السياسي، كانت هناك صورة مختلفة تتشكل في شوارع شبرا وامتداداتها نحو روض الفرج وبولاق أبو العلا، حيث كان الدوائر تستعد لتصويت المرحلة الثانية من الانتخابات.

هناك، ظهرت المهندسة والإعلامية، مونيكا مجدي، كاستثناء لافت في أسلوب الحملات الانتخابية التقليدية: لا مواكب سيارات، لا فرق تنظيم، لا لافتات عملاقة. فقط دراجة هوائية، ميكروفون صغير، وصوت يخاطب الناس وجها لوجه: “أنا مونيكا مجدي.. مرشحة مجلس النواب. بدور على صوت حر مش صوت بفلوس”.

وانتشرت مقاطع فيديو لجولاتها على الدراجـة، مثيرة موجة من الجدل بين من اعتبرها تجربة دعائية مختلفة، ومن رأى أنها مبالغة أو بحث عن التعاطف. لكن المرشحة مونيكا مجدي تؤكد أن كل ما تفعله قائم على جهد ذاتي، وأنها تواجه انتقادات وشائعات، لكنها “لا تتسامح مع أي محاولة للنيل من تعبها أو التشكيك في نواياها”.

في ما يخصّ الاتهامات بـ “شراء الأصوات” أو “حسم النتائج مسبقا”، تقول لـ”الحرة” إنها لا ترى أن الدولة تدعم مرشحا بعينه، وتؤكد أن “بعض الممارسات الفردية هي التي تشوه الصورة، وليست توجيهات رسمية”. وتضيف أنها تحارب “المال السياسي، والرشى، والشنطة التموينية” التي “تزيّف إرادة الناخبين وتحرم المواطنين من صوتهم الحقيقي”.

إلى أين تتجه الأمور؟

بين بيان رئاسي غير مسبوق، ومرشحة تتجول بدراجة بين الأزقة، تبدو الانتخابات المصرية على أعتاب اختبار حقيقي. وفي المسافة بين إرادة الناخبين وإرادة القوى النافذة، ستتحدد ملامح البرلمان المقبل.

أحمد الفقي

صحفي ومنتج رقمي عمل مع مؤسسات إعلامية دولية وإقليمية، بخبرة في تغطية الشؤون السياسية وإدارة المحتوى.


اكتشاف المزيد من الحرة

اشترك لتصلك أحدث التقارير من الحرة

* حقل الزامي

اترك رد

https://i0.wp.com/alhurra.com/wp-content/uploads/2025/08/footer_logo-1.png?fit=203%2C53&ssl=1

تابعنا

© MBN 2025

اكتشاف المزيد من الحرة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading