خلف الركام المنتشر في كلّ مكان، ثمة قصة مثيرة عن الفرح الذي يعاند الظروف الإنسانية الصعبة في قطاع غزة.
في هذه المنطقة التي تنتظر مصيرها، ويطرح ملفها على طاولات المفاوضات والاتصالات الدبلوماسية حول العالم، يجد المسيحيون في عيد الميلاد، هذا العام، فسحة من الفرح المؤقّت المقرون بعزم على الاحتفال رغم الدمار.
فقد حضرت مظاهر الاحتفال وأضواء شجرة الميلاد، وإن بدت خافتة، وأقيمت الصلوات داخل الكنائس، التي تضررت غالبيتها بفعل الحرب، وسط آمال بأن يعمّ السلام غزة والعالم.
ويجتمع المسيحيون في كنيسة القديس برفيريوس للروم الأرثوذكس، وهي أقدم كنيسة في غزة، لإحياء قداس الميلاد في ظل هدنة أمنية هشة في القطاع، وذلك بعد أن حرصوا على تزيينها وتزيين بيوتهم – بما تيسّر – في تعبير واضح عن التشبّث بالحياة.
وكانت آثار الحرب قد طالت هذه الكنيسة إلى جانب كنيستي “العائلة المقدّسة” و”المعمدانيين الإنجيلية”.
وانخفض عدد المسيحيين في قطاع غزة إلى مئات حاليّاً، واضطر كثيرون منهم إلى ترك منازلهم والإقامة في الكنائس بسبب القتال والعمليات العسكرية. وبحسب مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي، فقد بلغ عددهم نحو ألف قبل الحرب.
واستعاض الأهالي، بسبب الظروف الصعبة، عن الهدايا الفاخرة، التي اعتادوا تقديمها لأولادهم، بالألعاب البسيطة، وأقاموا تجمعات عائلية بدل ولائم العيد.
ويشارك مسلمو قطاع غزة المسيحيين احتفالهم، ويتبادلون التهامي وما تيسر لهم من طعام وهدايا مع جيرانهم، في مشهد يعكس التضامن بين أبناء القطاع.
ودعا بطريرك القدس للاتين الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، خلال لقائه أبناء الكنيسة، إلى التطلّع نحو المستقبل، وأكد الالتزام بإعادة بناء المنازل والمدارس.
وفي انتظار إعادة الإعمار، يتمنى المسيحيون ومعهم سكان القطاع أن يكون المستقبل أكثر هدوئاً، وأن تذهب الحرب، التي اختبروا ويلاتهم ومآسيها لفترة طويلة، إلى غير رجعة.



