كاتس يتراجع عن “ناحال” غزة.. مستوطنات أكثر لحشد اليمين في إسرائيل!

مستوطنون إسرائيليون في جولة أسبوعية في مدينة الخليل بحماية الجيش الإسرائيلي 13 ديسمبر. المصدر: رويترز

أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الثلاثاء، عدوله عن تصريحات أطلقها بشأن إقامة نواة ناحال في شمال قطاع غزة، وذلك في أعقاب موجة واسعة من ردود الفعل السياسية والعسكرية التي أثارها حديثه، مؤكدًا أنه “لا توجد نية لإقامة مستوطنات في غزة”.

وكان كاتس قد أعلن، خلال مراسم رسمية في مستوطنة بيت إيل في وقت سابق اليوم الثلاثاء، إن إسرائيل ستقيم “نوى ناحال في شمال القطاع بدل المستوطنات التي أُخليت”، مضيفا أن الجيش الإسرائيلي “موجود بعمق داخل غزة ولن ينسحب من كل أراضيها”.

ونوى “ناحال” تمثل نموذجا قديما في العقيدة الإسرائيلية، يقوم على إنشاء مجموعات عسكرية-شبه مدنية من جنود وحدات “الناحال”، تبدأ كمواقع عسكرية دائمة، ثم تتحول تدريجيًا إلى مستوطنات مدنية كاملة.

تاريخيا، استُخدم هذا النموذج كأداة لفرض وقائع على الأرض، حيث يسبق الوجود العسكري الاعتراف المدني، وتُقدَّم المستوطنة لاحقا باعتبارها “حاجة أمنية” لا يمكن التراجع عنها.

صديق “وفي” للاستيطان

وزير المالية بتسلئيل سموتريتش اعتبر تصريحات كاتس دعما واضحا لمشروع الاستيطان، مشيدا بدوره كشريك “وفيّ” للاستيطان في الضفة الغربية، ومؤكدًا أن منع إقامة دولة فلسطينية هو “مهمة حياته” التي يواصل التمسك بها.

وأعلن مجلس “يشع” الاستيطاني دعمه الكامل لتصريحات وزير الدفاع، معتبرا أن العودة إلى الاستيطان في القطاع تمثل “تصحيحًا لهذا الظلم”، ورسالة بأن هجوم السابع من أكتوبر “سيُقابَل بخسارة دائمة للأرض”.

ودعت حركة “نحالا” الاستيطانية إلى الانتقال من مرحلة التصريحات الرمزية إلى التطبيق العملي، ومؤكدة أن مئات العائلات مستعدة للاستيطان الفعلي في القطاع فور اتخاذ القرار.

“أوهام”

من ناحية ثانية، أثار هذا الحديث انتقادات من شخصيات عسكرية وسياسية بارزة، من بينها رئيس الأركان الإسرائيلي الأسبق ورئيس حزب “يشار” غادي أيزنكوت، الذي اعتبر أن الحكومة “تسوّق أوهامًا سياسية” من شأنها الإضرار بمكانة إسرائيل الدولية وصرف الأنظار عن أولويات أمنية ملحّة.

وقوبلت تصريحات كاتس أيضا بمعارضة شديدة من منظمات يسارية، وعلى رأسها حركة “السلام الآن”، التي رأت فيها خروجا عن الواقع السياسي والأمني، وتحذيرا من تداعياتها على العلاقات مع الولايات المتحدة وعلى الجهود الدولية المتعلقة بمرحلة ما بعد الحرب في غزة.

“سنبقى في غزة”

في توضيحه، قال كاتس ان تصريحاته لا تعكس سياسة حكومية لإقامة مستوطنات في القطاع.

لكن في وقت سابق الثلاثاء، وفي مستوطنة بيت ايل، وهي مركز للتيار الاستيطاني والديني القومي في إسرائيل، قال كاتس إن الجيش الإسرائيلي “سيبقى داخل غزة” ولن ينسحب منها بالكامل.

واعتبر أن إسرائيل دخلت مرحلة “السيادة العملية”، مضيفًا أن إقامة هذه النوى تأتي “في الأماكن التي أُخليت سابقًا”، في إشارة إلى مستوطنات فك الارتباط التي تم اخلاؤها بقرار من رئيس الحكومة الأسبق اريئيل شارون.

وربط كاتس علنًا بين غياب الاستيطان وبين تصاعد الهجمات المسلحة، مشيرا إلى أن شمال الضفة الغربية “شهد الإرهاب” لأن الجيش، وفق تعبيره، لم يكن حاضرا فيه بشكل دائم، لغياب المستوطنات.

ويقدّم هذا الطرح كتبرير مباشر لإعادة إنتاج نموذج الاستيطان-الأمني نفسه، سواء في الضفة أو في غزة.

الاستيطان يتوسع

بالتوازي، استكملت الحكومة الإسرائيلية خلال الأيام الأخيرة إجراءات إضفاء الشرعية على نحو 19 بؤرة استيطانية في الضفة الغربية، بينها مستوطنات أُخليت عام 2005 مثل كاديم وجانيم في شمال الضفة وفقا لما ذكرت صحيفة هارتس.

ويُعد هذا التطور امتدادا لتعديل قانون فك الارتباط الذي أُقر عام 2023، وسمح بعودة الإسرائيليين إلى مناطق كانت محظورة عليهم طوال ما يقارب عقدين.

وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش قدم هذه الخطوات بوصفها “تصحيحًا لظلم تاريخي”، ووصف المواقع التي شُرعنت بأنها “استراتيجية”، معتبرًا أن توسيع الاستيطان في شمال الضفة يهدف إلى منع قيام دولة فلسطينية، وتعزيز السيطرة الإسرائيلية على مناطق تقع بمعظمها ضمن السيطرة المدنية والأمنية الفلسطينية.

وقال في بيان تلقت الحرة نسخة منه إن “هذه مواقع ذات أهمية استراتيجية كبيرة للاستيطان، وتتمثل ذروة هذا المسار في إعادة إقامة مستوطنتي جانيم وكاديم”.

لماذا الآن؟

وألمح محللون في الإعلام الإسرائيلي إلى أن تراجع كاتس عن تصريحاته قد يكون مرتبطا بالسعي لتفادي أي توتر سياسي أو دبلوماسي قبل الزيارة المرتقبة لرئيس الحكومة بنيامين نتانياهو إلى الولايات المتحدة، ولقائه المتوقع مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الاثنين المقبل في ميامي بولاية فلوريدا، في توقيت حساس تشهد فيه الساحة الإقليمية والدولية نقاشات مكثفة حول مستقبل قطاع غزة.

أما توسع الاستيطان فيربطه محللون آخرون باحتدام التنافس داخل المعسكر اليميني في إسرائيل، مع دخول البلاد فعليا أجواء عام انتخابي، حيث يسعى كل طرف إلى تثبيت موقعه باعتباره الأشد تمسكا بخطاب “الأمن والسيادة”.

وفي هذا السياق، تتحول قضايا الاستيطان، والوجود العسكري الدائم، ومستقبل غزة والضفة، إلى أدوات في صراع سياسي على أصوات اليمين القومي والديني، بين وزير الدفاع يسرائيل كاتس من حزب الليكود وزير المالية بتسالئيل سموتريتش رئيس حزب الصهيونية الدينية.

التصريحات المتشددة لا تُقرأ فقط في بعدها الأمني، بل كرسائل موجهة للداخل الإسرائيلي، تهدف إلى شدّ العصب الانتخابي، وإعادة رسم خطوط التفوق داخل معسكر يتنافس على من يمثل “اليمين الحقيقي”.


اكتشاف المزيد من الحرة

اشترك لتصلك أحدث التقارير من الحرة

* حقل الزامي

اترك رد

https://i0.wp.com/alhurra.com/wp-content/uploads/2025/08/footer_logo-1.png?fit=203%2C53&ssl=1

تابعنا

© MBN 2025

اكتشاف المزيد من الحرة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading