لم يعد بإمكان المؤسسات المصرفية وشركات الصيرفة وتحويل الأموال في لبنان تقديم خدماتها “بلا حسيب ولا رقيب”، ولم يعد بإمكان عملائها الاستفادة من بعض هذه الخدمات من دون الالتزام بضوابط محددة.
هذا التغيير في “قواعد اللعبة” فرضه دخول تعميم مصرف لبنان المركزي “اعرف عميلك”، أمس، حيّز التنفيذ، وهو تعميم يُلزم زبائن هذه المؤسسات والشركات بتعبئة استمارة محددة عند فتح حساب أو إجراء أيّ عملية نقدية تساوي أو تتجاوز الـ1000 دولار أو ما يعادلها.
وتتضمّن الاستمارة معلومات للتحقق من هوية العميل ومصدر أمواله ونشاطه المهني.
وتوضح الباحثة في القانون المالي الدولي، محاسن مرسل، في حديث مع “الحرة”، أن تعميم(KYC) ليس جديداً، “إلا أن ما يميزه هذه المرة هو خفض سقف المبالغ الخاضعة للمتابعة إلى 1000 دولار، وإلزام المؤسسات المالية تقديم بيانات العملاء إلى مصرف لبنان خلال يومين لمراقبة حركة الأموال، وذلك في إطار تعزيز الشفافية المالية”.
وكانت العديد من الجهات والمؤسسات الدولية، مثل مجموعة العمل المالي (FATF)، قد حثّت لبنان مراراً على الالتزام بالمعايير الدولية لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وأيّ أنشطة مالية أخرى مشبوهة.
على أن تحدّيات عدة تعترض سبيل نجاح التعميم في تحقيق غاياته، أبرزها مدى التزام المؤسسات والشركات المصرفية به. كما أنه لا يؤثّر كثيراً في “تداول الكاش” وربما في تمويل جماعات، مثل حزب الله.
تشير مرسل إلى أن هذه الإجراءات جاءت بعد “إعلان وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية، جون هيرلي، عن تحويل مليار دولار من إيران إلى حزب الله منذ مطلع 2025، عبر قنوات مالية شرعية وغير شرعية”، لكنها تشير إلى أن “العمليات الأساسية للحزب لا تزال تعتمد على قنوات غير رسمية يصعب ضبطها بالكامل، ونشاطه المالي لم يقتصر يوماً على التحويلات المصرفية، بل يعتمد أيضاً على مسارات بديلة مثل USDT، تجارة الذهب، العقارات، إضافة إلى نقل الأموال نقداً عبر شبكات منظمة”.
وتلفت مرسل إلى أنه “من ليس لديه ما يخفيه سيسير وفق التعميم، بينما من لديه ما يخفيه سيلجأ إلى قنوات أخرى”.

أسرار شبارو



